أصبحت البيانات بمثابة شريان الحياة للمؤسسة، حيث توفر التمايز التنافسي ورؤى العملاء وأفكار المنتجات. ومع انخفاض تكاليف التخزين وأجهزة الاستشعار والحوسبة، تعمل المؤسسة النموذجية على تجميع المزيد والمزيد من البيانات. ولكن على الرغم من أن البيانات توفر الفرص، فإنها قد تعرض الشركات أيضًا لمسؤولية قانونية ومالية كبيرة. وتحتاج المؤسسات إلى معالجة التحديات الأمنية التي تواجه الشركات اليوم والمتعلقة بأمن البيانات للحفاظ على سرية المعلومات الحساسة وسلامتها وتوافرها.
1. الوعي بالبيانات
في كثير من الأحيان، يتمثل أول التهديدات الأمنية التي تواجه الشركات في مهمة تحديد البصمة الفعلية للبيانات داخل نطاق عملها، وهي مهمة تقع على عاتق مسؤول أمن المعلومات. غالبًا ما تتجاوز هذه البصمة الحجم المتوقع وتتميز بديناميكية عالية، حيث تتبدل باستمرار. يزداد هذا التعقيد بفعل عوامل مثل الاستخدام المرن للحوسبة السحابية العامة، وعمليات تكامل واجهات برمجة التطبيقات (APIs) حسب الطلب، وتحديثات البرامج لأجهزة استشعار إنترنت الأشياء (IoT). على سبيل المثال، قد تبدأ كاميرا متكاملة وخاملة فجأة في توليد البيانات نتيجة لتفعيل إحدى ميزات البرامج.
لمواجهة هذا المشهد المتطور باستمرار، يجب على المؤسسات تنفيذ عمليات جرد وتصنيف للبيانات. تساهم الأدوات الآلية والقابلة للتطوير والتكيف لمراقبة بصمة البيانات في تسهيل هذه العمليات. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تعزز تقييمات مخاطر البيانات من مستوى الوعي العام بالبيانات وأهمية حمايتها.
نقص الوعي الأمني لدى الموظفين
غالبًا ما يتم التقليل من أهمية دور الموظفين في حماية البيانات المؤسسية. يُعدّ الافتقار إلى برامج تدريبية فعالة لتعزيز الوعي الأمني عاملًا رئيسًا يسهم في وقوع أخطاء بشرية. على سبيل المثال، فتح رسائل التصيد الاحتيالي أو الإفصاح غير المقصود عن معلومات حساسة. لذلك، يتعين على المؤسسات إعطاء الأولوية لتعزيز ثقافة أمنية قوية. وذلك من خلال توفير تدريب منتظم وتوعية شاملة للموظفين بشأن أفضل الممارسات الأمنية لمواجهة مختلف التهديدات الأمنية التي تواجه الشركات اليوم.
2. متطلبات الامتثال للبيانات المتغيرة
تتبنى الهيئات التنظيمية في مختلف الدول والمناطق اختصاصات وأطر زمنية مستقلة لتطبيق قوانين حماية البيانات. ومع تطلع العديد من المؤسسات إلى ظهور إطار عمل عالمي موحد لخصوصية البيانات، فإن التهاون في الامتثال يُعدّ أمرًا غير مستحسن على الإطلاق. فالهيئات التنظيمية الأوروبية، على سبيل المثال، تتبنى نهجًا أكثر صرامة في تطبيق قوانين حماية البيانات، وقد تصل الغرامات المفروضة على المخالفات إلى مبالغ باهظة.
وعلى الرغم من أن البيانات تتيح فرصًا هائلة، إلا أنها قد تعرض المؤسسات لمسؤوليات قانونية ومالية كبيرة. لذا، يُعدّ الامتثال الدقيق للوائح حماية البيانات أمرًا ضروريًا لتجنب العواقب السلبية المحتملة،و التغلب على أحد أهم التحديات الأمنية التي تواجه الشركات.
التحديات المتعلقة بالامتثال العابر للحدود
في ظل تزايد العولمة، تواجه المؤسسات التي تمارس أنشطتها في بلدان متعددة تعقيدات إضافية في الامتثال للقوانين المحلية والدولية المتضاربة أحيانًا، مما يجعل مهمة الامتثال معقدة. لذلك، يجب على المؤسسات البحث عن شركاء متخصصين يمكنهم المساعدة في فهم وتطبيق قوانين الخصوصية ذات الصلة، وضمان الامتثال لكل من البيانات والمتطلبات التنظيمية. وبالنسبة للمؤسسات الصغيرة ذات الميزانيات المحدودة، يمكن أن تكون أدوات برامج الامتثال الآلية بديلاً فعالاً.
3. تضخم حجم البيانات
نظرًا للتكلفة المنخفضة والمرونة العالية والانتشار الواسع لحلول التخزين السحابي، باتت المؤسسات قادرة على الاحتفاظ بكميات هائلة من البيانات لفترات زمنية غير محدودة. وبينما يمثل ذلك فرصة ثمينة لقادة الأعمال الذين يعتمدون على التحليلات لاستخلاص القيمة من البيانات الضخمة، فإنه يعتبر أحد أكبر التحديات الأمنية التي تواجه الشركات ومسؤولي أمن المعلومات الذين يسعون إلى تقليل حجم البيانات المؤسسية وتقليل المخاطر المرتبطة بخرق البيانات.
لذا، يتعين على قادة الأمن والأعمال التعاون بشكل وثيق لوضع إطار عمل يتضمن آليات للتخلص الآمن من البيانات غير الضرورية، بما يتماشى مع احتياجات العمل ورغبة المؤسسة في تقليل المخاطر السيبرانية. يمكن البدء بتحديد محفزات للتخلص من البيانات، على سبيل المثال، إذا لم نستخدم بيانات من مصدر معين في أي تطبيق لمدة تزيد عن سنة، فهذا يعني أننا نستطيع حذفها بأمان. ومن الضروري أيضًا تشفير البيانات الأولية والثانوية والثالثية، وتنفيذ عمليات تطهير دورية للبيانات لضمان الحماية المثلى.
إدارة البيانات القديمة (Legacy Data)
غالبًا ما تتعرض البيانات القديمة المخزنة على أنظمة قديمة أو غير مدعومة للإهمال، مما يزيد من خطر تعرضها للاختراق نتيجة لنقص التحديثات الأمنية. لذا، يجب على المؤسسات إجراء عمليات تدقيق دورية للبيانات القديمة لتقييم المخاطر المحتملة واتخاذ قرارات مستنيرة بشأن ترحيلها إلى أنظمة أكثر أمانًا أو حذفها بشكل آمن.
4. مخاطر فقدان الموظفين
تُعدّ استقالة الموظفين وإنهاء خدماتهم من التحديات الأمنية التي تواجه الشركات والتي تزيد من خطر التعرض للتهديدات الداخلية. فبالنسبة للموظفين السابقين أو الذين هم في طريقهم للمغادرة، قد تصبح بيانات الشركة هدفًا جذابًا للسرقة أو البيع في أسواق برامج الفدية، مدفوعين برغبة في الانتقام أو لتحقيق مكاسب مادية. بالإضافة إلى ذلك، قد تتمكن الجهات الخارجية الخبيثة من الوصول إلى معلومات حساسة من خلال اختراق حسابات الموظفين السابقين غير النشطة، وذلك في حال لم تقم المؤسسات بتعطيل هذه الحسابات في الوقت المناسب.
للتخفيف من هذه المخاطر، يجب تطبيق سياسات صارمة للتحكم في الوصول، وإلغاء صلاحيات وصول المستخدمين بمجرد مغادرتهم المؤسسة أو تغيير أدوارهم الوظيفية. كما يمكن الاستفادة من تحليلات سلوك المستخدم والكيانات للكشف عن التهديدات الداخلية المحتملة وتحديد الحسابات غير النشطة التي قد تكون مخترقة.
5. تقنيات البيانات التدخلية (Intrusive Data Techniques)
يُعدّ ظهور تقنيات الأعمال الجديدة، التي تتسم بتدخلها المتزايد في جمع البيانات، عاملًا إضافيًا يساهم في اتساع نطاق البيانات التي تحتفظ بها المؤسسات. فعلى سبيل المثال، تتطلب تجارب الواقع الافتراضي الغامرة والمخصصة جمع كميات هائلة من البيانات الشخصية من المستخدمين النهائيين. وعلى الرغم من أن هذه المعرفة تمنح الشركات ميزة كبيرة في التنبؤ بسلوك العملاء والتأثير فيه من منظور تجاري. إلا أن التحديات الأمنية التي تواجه الشركات من حيث خصوصية البيانات وأمنها تبعث على القلق. وفي حين يفرض الإطار التنظيمي بعض القيود على هذه الممارسات، فإنه لا يزال متخلفًا عن التطورات التكنولوجية المتسارعة. مثل عالم الميتافيرس، والتحديات الأمنية السيبرانية المرتبطة بها.
لذا، بصفتك مسؤولًا عن أمن المعلومات، يجب عليك التأكد من أن المؤسسة تتعامل مع بيانات العملاء التي يتم جمعها في البيئات الناشئة بحذر وعناية فائقة. كذلك يجب تزويد المستخدمين النهائيين بإمكانية الوصول إلى سياسات إفصاح شفافة وواضحة بشأن خصوصية البيانات. علاوة على ذلك، يجب الاستفادة من الدروس المستفادة من البيئات الحالية. مثل الحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء، والتعاون مع قادة الأعمال لوضع إطار عمل شامل لحوكمة البيانات.
تحديات أمن الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي
مع التوسع المتزايد في استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، تبرز تحديات جديدة تتعلق بتحيز البيانات وسرية النماذج. لذا، يجب على المؤسسات ضمان أن النماذج المستخدمة لا تُعرض البيانات الحساسة للخطر. وأنها محمية بشكل فعال من الهجمات التي تستهدف استغلال الثغرات الأمنية في خوارزميات الذكاء الاصطناعي.
6. نقص الكفاءات المتخصصة في مجال الأمن السيبراني
7.مخاطر تهديدات الطرف الثالث
لذا، يجب على المؤسسات بذل العناية الواجبة الشاملة عند التعامل مع الأطراف الثالثة لتقييم وضعهم الأمني ومستوى التزامهم بمعايير الأمان. كما يجب تضمين بنود أمنية قوية في العقود المبرمة مع الأطراف الثالثة، تلزمهم بالحفاظ على معايير أمنية محددة وإجراء عمليات تدقيق أمنية منتظمة. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المؤسسات مراقبة وصول الأطراف الثالثة إلى أنظمتها وبياناتها بشكل مستمر للكشف عن أي نشاط مشبوه والاستجابة له بشكل فعال.
8. مخاطر التكوين الخاطئ للخدمات السحابية
مع تزايد اعتماد المؤسسات على الخدمات السحابية، يعد التكوين الخاطئ لهذه الخدمات كأحد أبرز التحديات الأمنية التي تواجه الشركات. فالإعدادات غير الصحيحة يمكن أن تؤدي إلى كشف البيانات الحساسة للعامة، مما يتيح للمهاجمين الوصول غير المصرح به. ومن الأمثلة الشائعة على التكوينات الخاطئة صناديق التخزين السحابية غير المؤمنة. وكلمات المرور الافتراضية. ومنح صلاحيات وصول غير مقيدة إلى الخدمات السحابية.
ولمنع التكوين الخاطئ للخدمات السحابية، يجب على المؤسسات تطبيق ممارسات قوية لإدارة التكوين السحابي. ويتضمن ذلك تكوين الخدمات السحابية بشكل آمن وفقًا لأفضل الممارسات القياسية. والمراقبة المنتظمة لتكوينات السحابة لاكتشاف أي أخطاء في التكوين، وتنفيذ عمليات آلية لتصحيح التكوينات الخاطئة. كما يجب على المؤسسات توفير التدريب اللازم للموظفين حول أفضل الممارسات الأمنية السحابية لضمان فهمهم لكيفية تكوين الخدمات السحابية بشكل آمن.
9. تهديد برامج الفدية
شهدت هجمات برامج الفدية تطورًا ملحوظًا وانتشارًا واسعًا في الآونة الأخيرة، مما يجعلها تشكل تهديدًا كبيرًا للمؤسسات في مختلف القطاعات. تعمد هذه البرامج الخبيثة إلى تشفير بيانات الضحية وتعطيل الوصول إليها، وذلك بهدف ابتزاز المؤسسة ودفعها إلى دفع فدية للمهاجمين. وقد تتسبب هجمات برامج الفدية في تعطيل العمليات التجارية الحيوية، وفقدان البيانات الهامة، بما في ذلك، الإضرار بسمعة المؤسسة.
وللحماية من هجمات برامج الفدية، يجب على المؤسسات تبني استراتيجية دفاعية متعددة المستويات. ويتضمن ذلك نشر جدران الحماية وأنظمة كشف التسلل وبرامج مكافحة الفيروسات لمنع البرامج الضارة من اختراق الشبكة. كما يجب على المؤسسات إجراء نسخ احتياطية منتظمة للبيانات الهامة. و كذلك اختبار خطط الاستعادة بشكل دوري للتأكد من القدرة على استعادة البيانات بسرعة في حال وقوع هجوم.