كل موقف تتخذه تجاه شيء معين يعود بشكل أو بآخر إلى معتقداتك وقيمك الإنسانية. ومن الممكن جدًا ألا تكون مدركًا لذلك. فقط تتصرف شخصيتك التي تم تشكيلها على مر السنين، متخذة من تلك القيم أساسًا لها. وعليه، فإنه من المؤكد أن تلك القيم هي التي تشكّل تلك القرارات في حياتك اليومية. مما يجعل التعرف على القيم الإنسانية بين الفرد والمجتمع أمرًا ضروريًا في عملية التنمية البشرية. ما يجعلنا نصل إلى التساؤل عن ماهية القيم الإنسانية؟ وكيف تعرف قيمك الشخصية؟
تعريف القيم الإنسانية بين الفرد و المجتمع
يمكننا تعريف القيم الإنسانية على أنها مجموعة القيم التي تم التعرف عليها، وتحديدها من قبل المجتمعات منذ معرفة الإنسان بالحضارة. وهي التي تندرج تحتها العطف، المحبة، الرحمة، العدل، المساواة، احترام الكبير والصغير، السلام، المعرفة، الإبداع. وهي تلك المجموعة من الصفات التي في النهاية تساوي كلمة “إنسان”.
ويُعَرف الكاتب حسن العطار أ. إدارة الأعمال في جامعة هال البريطانية، أن القيم الإنسانية هي مجموعة الأخلاقيات، والمبادئ السامية التي اكتسبها الفرد منذ نشأته. والتي تكون هي القاعدة الأساسية التي تحدد معاملاته مع الآخرين في المجتمع. حيث تندرج هذه المبادئ ما بين الكرامة، والحرية، والعدل، والرحمة، ونشر المحبة، وتكون الدافع الأساسي للفرد في المشاركة في الأعمال الخيرية المجتمعية.
عوامل تشكيل القيم الإنسانية بين الفرد والمجتمع
كما ذكرنا في الفقرات السابقة أن القيم تكون صفات شخصية ونفسية مكتسبة. ويبدأ الفرد في اكتسابها منذ بداية إدراكه، وخلال رحلة تعرفه على العوالم المحيطة به. سواءً كان عالمه الأسري والعائلي، أو عالم الدراسة واكتساب المهارات المعرفية والعلمية المختلفة. ولكن يمكن أن يتم تقسيم عوامل القيم الإنسانية إلى نقاط وهي:
العوامل الأسرية:
- وتعتبر تلك هي اللبنة الأولى التي يتأثر بها الفرد منذ بداية إدراكه. والتي يكون مصدرها القيم الإنسانية التي يكتسبها الشخص من الأم أولًا، ثم الأب. نظرًا لكون الفرد يكون اتصاله بالأم وثيقًا بشكل أكبر. فيبدأ في التعرف على قيمها ومبادئها الشخصية خلال تعاملها مع الأفراد المحيطين بها، ثم احتكاكه مع القيم الشخصية للأب. إضافة إلى تعرفه على مفهوم العدالة والرحمة أيضًا في حال كانت أسرة كبيرة وهو فرد بين مجموعة من الأخوة. فيبدأ في إدراك كيفية توزيع المحبة والرحمة بينه وبين أخوته من قبل أسرته.
العوامل التربوية:
- وتلك تكون هي الخطوة الثانية في تشكيل شخصية وقيم الفرد. مع استمرار اكتسابه التعرف على تلك المبادئ من خلال أسرته الصغيرة، واستكمالًا ببدء مرحلته التعليمية. حيث يبدأ في الاختلاط بمجتمع أكبر عبر مراحله الدراسية المختلفة. وتكون هناك مسؤولية واقعة في تلك المرحلة على المؤسسات التعليمية في زرع مجموعة من القيم. مثل: المساواة، العطف على الصغير، احترام الكبير، المحبة، نبذ العنف بكل أشكاله وصوره. وإن نجحت المؤسسات التعليمية في ذلك سيتم إخراج فرد سوي نفسيًا واجتماعيًا يساهم في رفعة وزيادة القيمة المجتمعية.
كيفية اكتساب القيم الإنسانية في عصر العولمة
في الوقت الذي قد يجد البعض أن التقدم التكنولوجي قد ترك أثرًا سلبيًا على القيم الإنسانية ومنها على المجتمعية. فيرى الكثير من علماء الاجتماع، وخبراء التنمية البشرية العكس تمامًا. حيث إنهم يروا أن الأمر يتوقف على كيفية اكتساب هذه القيم، وترك النبتة التي زرعتها لتُزهر في النهاية. وأن كل ما عليك هو تعريف الفرد كيفية الحفاظ على قيمه المكتسبة، عبر مجموعة الخطوات الآتية:
- يجب أن تدرك المجتمعات أن لكل جيل قيمه الإنسانية المختلفة. يمكن أن تندرج أسفل عناوين كبيرة مثل الحب، العدل، المساواة وغيرها من القيم. ولكن تشكيلها يكون مختلف من جيل إلى آخر. نظرًا لاختلاف المستقبلات للفرد في مرحلة زمنية محددة، والتي تساعد على تطوير الذات.
- يجب على الأسرة اختيار الوسائل المثالية بهدف تعزيز مجموعة القيم الإنسانية لدى ابنائهم. فمع التطور التكنولوجي وظهور الكثير من منصات التواصل الاجتماعي، والكثير من الوسائل المعرفية. فعلى الأسرة اختيار الوسيلة التي تتناسب معه، ومع قيم الأسرة الأخلاقية والإنسانية. أو ما يمكن أن نطلق عليه القيم العليا للفرد والمجتمع.
- يرى آرتو توكانين أحد أبرز الباحثين في مجال الفلسفة وعلم الاجتماع. أن أهم الوسائل التي تساعد الفرد على اكتساب القيم الإنسانية هي الحوار. ويعيد الأمر أيضًا إلى المراحل الأولى للإنسان، مثل مرحلة طفولته، وخلال رحلة نشأته في المراحل التعليمية المختلفة. فيكون من هم أكبر منه تقع مسؤولية تربوية من خلال الحوار. وتعريفه عن الأسباب التي تقف وراء أي فعل يقوم به الأب أو الأم أو المعلمين. يكون هدف الفعل هو تنمية تلك القيم وتعزيزها.
ما هي القيم الإنسانية بين الفرد و المجتمع
القيم الإنسانية من اسمها يمكنك بسهولة أن تتعرف على أنها مجموعة الصفات والمعتقدات المكتسبة. والتي بدورها تعطي للإنسان قيمته المجتمعية، وقيامه بدوره على أمثل وجه في مساعدة الآخرين، ومحاولة النهوض بعالمه المحيط به.
وهذه المجموعة من القيم التي بدأ الإنسان القديم في التعرف عليها منذ بدء بناء الحضارات القديمة. هي التي تجعل الفرد يختلف عن الحيوانات. فهو يعيش وفق مجموعة من المبادئ التي تجعله يكون عطوفاً، صادقًا، مسالمًا، وفي الأخير إنسانًا في كل ما يقوله، ويفعله.