يٌعد الطلاق تجربة معقدة وصعبة للغاية على الوالدين عامةً وعلى الأطفال خاصة. ويؤدي إلى تأثيرات متنوعة وكارثية على الأطفال. تختلف هذه التأثيرات حسب أعمارهم، وقوة الصدمة الناتجة عن الطلاق، ومدى صلابة شخصياتهم، والبيئة التي يعيشون فيها، والدعم المتاح لهم، وأسلوب التفاعل بين الوالدين بعد الطلاق. إليك بعض النقاط الرئيسية لتأثير الطلاق على الأطفال، وكيف يمكن التعامل معها:
التأثيرات الصحية والنفسية للطلاق على الأطفال
بما أن الطلاق تجربة صعبة بالنسبة للأطفال فإن له تبعات وتأثيرات على الصحة النفسية والجسدية للأطفال. يمكن تلخيص هذه التأثيرات في النقاط التالية:
- مشاعر الحزن والقلق: يواجه الأطفال مشاعر مختلطة تتراوح بين الحزن بسبب الإحساس بفقدان العائلة التي اعتادوها والقلق مما هو قادم.
- الشعور بالفقدان: يشعر الأطفال غالبًا بأنهم فقدوا جزءًا كبيراً من حياتهم ومستقبلهم، بالخصوص إذا كانوا يعيشون في منزل منفصل عن أحد الوالدين. هذا الشعور قد يؤدي إلى فقدان الثقة بالشعور بالأمان، مما يؤدي إلى الاكتئاب.
- تقدير الذات: يميل الأطفال إلى لوم أنفسهم لحدوث الطلاق، يعتقدون أنهم ربما كانوا السبب وراء المشكلات بين والديهم. مما قد يؤثر سلبًا على تقديرهم لذاتهم.
- التغيرات السلوكية: تظهر على الأطفال عدة سلوكيات سلبية، مثل العدوانية أو الانسحاب الاجتماعي والعزلة. كما أن بعض الأطفال قد يلجؤون إلى سلوكيات غير صحية للتعامل مع التغيرات في حياتهم، كالتعاطي للمخدرات أو السلوكيات المتهورة.
- كتمان المشاعر: يواجه الأطفال صعوبة في التعبير عن مشاعرهم، مما قد يؤدي إلى تراكم المشاعر السلبية وعدم القدرة على طلب الدعم عند الحاجة.
- تأثير التأقلم: تختلف ردود أفعال الأطفال تجاه الطلاق بناءً على عدة عوامل، كالعمر وقوة الشخصية والدعم العائلي المتاح لهم. الأطفال الأصغر سناً قد يجدون صعوبة أكبر في تفهم الوضع، بينما يمكن أن يكون المراهقين أكثر تفهما واستجابة للأمر، ولكنهم أيضًا قد يشعرون بالحيرة والاستياء.
- تأثيرات على الصحة البدنية: تشير الأبحاث إلى أن الأطفال الذين يشهدون الطلاق قد يعانون من مشكلات صحية جسدية، مثل الصداع، وآلام البطن، وفقدان الشهية، والقلق. كما يمكن أن تؤدي الضغوط المختلفة إلى ضعف في النظام المناعي، مما قد يجعل الأطفال عرضة للأمراض.
تأثيرات الطلاق على الأداء التعليمي للأطفال
الطلاق يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الأداء التعليمي للأطفال. هناك عدة جوانب تؤثر من هذه الناحية:
- تراجع الأداء التعليمي: الضغوط نفسية نتيجة الطلاق غالبًا ما تُفضي الى إنخفاض كبير في التركيز والانتباه عند الأطفال، مما قد يؤثر على قدرتهم على التعلم مما يؤدي إلى تراجع واضح في الأداء التعليمي.
- صعوبات اجتماعية وتواصلية: قد يترتب على الطلاق صعوبات في قدرة الأطفال على تكوين علاقات جديدة مع الأقران، أو حتى الحفاض على القديمة. الخوف من التفاعل من التفاعل مع المجتمع يمكن أن يؤثر سلبًا على التكيف الاجتماعي، مما يؤدي إلى مزيد من الانعزال.
- التغيب عن المدرسة: قد يميل الأطفال الذين يواجهون مشاعر القلق والإستياء إلى التغيب عن المدرسة بشكل متكرر، مما يؤدي إلى نقص ملحوظ في مستواهم التعليمي.
التأثيرات الاجتماعية
هناك عدة تجليات لتأثير الطلاق على المستوى الاجتماعي:
- التغييرات في العلاقات الاجتماعية: رؤية الأطفال بأن علاقاتهم مع أصدقائهم والمحيطين بهم قد تغيرت بعد الطلاق. كما يجد الكثير منهم صعوبة في الحفاظ على صداقات قوية ومثينة، ويترافق ذلك مع مشاعر الحزن والإستياء، مما يؤدي إلى الشعور بالوحدة والرغبة بالإنعزال
- الانتماءات الأسرية: يؤثر الطلاق على العلاقات الأسرية بشكل كبير، حيث يصبح التواصل مع أفراد الأسرة الممتدة شيئا صعبًا بسبب التوترات الناتجة عن الطلاق. يمكن أن يشعر الأطفال بالتشتت، مما يؤثر سلبًا على ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على تكوين علاقات مستقرة.
- النظرة الاجتماعية: قد يتعرض الأطفال للتمييز أو السخرية من أقرانهم وحتى أقربائهم بسبب الطلاق الحاصل، مما يزيد من صعوبتهم في الاندماج.
نصائح في كيفة الدعم والتخفيف من تأثير الطلاق على الأطفال
الطلاق تجربة صعبة للأبناء، ويصعب تجاوزها بين لية وضحاها.، لكن هناك العديد من الخطوات والطرق التي يمكن أن يتبعها الآباء للمساعدة في توفير الدعم العاطفي والنفسي الذي يحتاجه أطفالهم خلال هذه الفترات الصعبة. إليك مجموعة من النصائح الفعّالة:
- التواصل الفعال: يجب حث الأطفال على التعبير عن مشاعرهم والبوح بأفكارهم. استمع لهم بإنصات وتنعن ودون أن تحكم عليهم، مما يساعدهم في صياغة مشاعرهم وفهمها. وكذلك استخدم لغة سهلة وبسيطة تناسب وأعمارهم لتوضيح التغييرات التي يمرون بها.
- تقديم الأمان والاستقرار: حاول الحفاظ على الروتين اليومي للطفل وعاداته قدر المستطاع، مثل مواعيد النوم والدراسة والنشاطات الأخرى، لتعزيز شعورهم بالأمان. كما أنه من الجيد منح الأطفال إمكانية معرفة التوقعات حول التغيرات القادمة.
- تفادي الصراعات أمام الأطفال: تفادي التحدث عن الخلافات أمام الأطفال. إذا كان هناك خلاف، حاول أن تحلّه بعيدًا عن أعينهم، مما يساعد في تقليل قلقهم وتوثرهم.
- الدعم العاطفي: قدم لهم الدعم العاطفي من خلال إظهار حبك وإهتمامك. يمكن أن يشمل ذلك احتضانهم بين الفينة والأخرى قضاء وقت ممتع معهم. كما يجب الحرص على إنشاء جو من الثقة والاحترام حتى يشعر الأطفال بأن لهم من يعتمدون عليه.
- تعزيز قدرتهم في التعامل مع الضغوط: علم الأطفال أساليب فعالة للتعامل مع الضغوط، مثل ممارسة الأنشطة البدنية، الرسم، والكتابة كوسيلة لإفراغ الشحنات السلبة الناتجة عن الطلاق.
- تحبيب الطرف الآخر وتزينه في أعينهم: حاول تشجيع الأطفال على الحفاظ على علاقة جيدة مع الطرف الآخر. إعطائهم الوقت الكافي للتواصل مع الطرف الآخر واجعل ذلك جزءًا من روتينهم اليومي.
- الاهتمام بالصحة النفسية والجسدية: تأكد من أن الأطفال يحصلون على الراحة الكافية، ويتناولون الطعام الصحي، ويشاركون في الأنشطة البدنية. الصحة الجيدة تساهم في تحسين الحالة النفسية.
- تقديم الارشاد والمشورة: قدّم للأطفال معلومات مناسبة لعمرهم تتعلق بالطلاق، لمساعدتهم على فهم ما يحدث. الكتب أو الموارد الإلكترونية يمكن أن تكون مفيدة في ذلك.
خلاصة
الدعم والتواصل الفعّال والمستمر يمكن أن يساعد الأطفال على التعافي من تأثيرات الطلاق. وبما أن دعم الأطفال بعد الطلاق يعد أمرا صعبا، فإنه يتطلب وعيًا وصبرًا وتفهمًا من الأبوين، ومن الأقرباء المحيطين بالأطفال. وذلك من خلال الالتزام والعمل على توفير بيئة صحية وآمنة، مهما كانت الظروف والتحديات. وذلك بالعمل معًا بإنسجام، وكفريق واحد، هذا يمَّكنهم من التأكيد على أن الحب والدعم لا يزالان موجودين. مما يزيد ثقة الأطفال بأنفسهم، ويُمَّكنهم من تطوير مهارات تأقلم أفضل ويزيد من تعزيز صحتهم النفسية والعاطفية ويمنحهم فرصة للتقدم الى الأمام والمضي في حياتهم بشكل عادي.