يميل الأطفال بشكل طبيعي إلى النهوض والحركة طوال اليوم، حيث أن النشاط البدني يساعدهم على كسر الرتابة، ويشجع الأطفال على المشاركة، ويسمح لهم بإخراج طاقتهم. والنشاط البدني جزء مهم من التعليم ويجب أن يكون جزءًا من الروتين اليومي للأطفال سواء في البيت، أو في المراكز التعليمية.
هناك العديد من الفوائد الجسدية والاجتماعية والعاطفية المترتبة على ممارسة الأطفال للنشاط البدني بشكل منتظم. وقد يؤدي قلة النشاط البدني لدى الأطفال إلى مشاكل صحية جسدية في المستقبل، إلى جانب التأثيرات السلبية على صحتهم النفسية والاجتماعية.
ما هو النشاط البدني؟
النشاط البدني هو أي حركة جسدية يتم إنتاجها بواسطة العضلات الهيكلية وتتطلب استهلاكًا للطاقة. يشمل ذلك مجموعة واسعة من الأنشطة، بدءًا من المهام اليومية البسيطة مثل المشي وصعود السلالم، وصولًا إلى الأنشطة الأكثر تنظيمًا مثل المشاركة في الألعاب الجماعية أو في الأنشطة الرياضية المنظمة مثل كرة القدم، السباحة، أو الجمباز.
أنواع النشاط البدني للأطفال
النشاط البدني الهوائي (الأيروبيك): النشاط الهوائي هو أي نشاط يزيد من معدل ضربات القلب والتنفس لفترة طويلة. هذا النوع من النشاط يعزز صحة القلب والرئتين، ويحسن الدورة الدموية. كالمشي السريع، السباحة، ركوب الدراجة.
تمارين تقوية العضلات: تمارين تقوية العضلات هي أنشطة تعمل على بناء وتقوية العضلات. هذه التمارين يمكن أن تشمل استخدام وزن الجسم أو الأوزان الخارجية. كتمارين الضغط، تمارين القرفصاء، التسلق على القضبان، رفع الأثقال الخفيفة (للأطفال الأكبر سنًا).
تمارين تقوية العظام: تمارين تقوية العظام هي أنشطة تعمل على تحفيز نمو العظام وزيادة كثافتها. هذه التمارين تشمل الحركات التي تضع ضغطًا على العظام. كالقفز بالحبل، الجري السريع، لعب كرة السلة، التنس.
تمارين المرونة: الأنشطة المرنة هي تمارين تعمل على تحسين مرونة الجسم ومدى حركة المفاصلو العضلات. ومن أمثلة هذا النوع: تمارين الاستطالة والتسلق.
الأنشطة اليومية الغير المنظمة: الأنشطة اليومية هي الحركات التي يقوم بها الأطفال بشكل طبيعي خلال يومهم. على سبيل المثال اللعب في الحديقة ، صعود الدرج، المساعدة في الأعمال المنزلية، المشي إلى المدرسة.
الرياضات المنظمة: الرياضات المنظمة هي أنشطة بدنية تتم ضمن قواعد وهيكل محدد. مثل كرة القدم، كرة السلة، التنس، والسباحة، التي تتطلب التمارين والتفاعل مع الآخرين.
ما هي فوائدالنشاط البدني للأطفال؟
1. الفوائد الجسدية
وفقًا لمجموعة من الأبحاث والدراسات، فإن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام تشجع على تقوية العظام، والحفاظ على وزن صحي للجسم، وتساعد أيضًا على النوم بشكل أفضل. كما أن المشاركة في التربية البدنية المستمرة يمكن أن تشجع الأطفال على تناول الطعام بشكل صحي وكافي، لأن أجسامهم ستحتاج بشكل طبيعي إلى المزيد من الطاقة للبقاء نشطة. كما تساهم الأنشطة الهوائية، مثل الجري أو السباحة، في تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية، مما يقلل من خطر الإصابة بمشاكل مثل ارتفاع ضغط الدم أو الكوليسترول، ويحد من احتمالية الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
علاوة على ذلك، تساعد التمارين الرياضية المتناسبة مع عمر الطفل وقدراته على تطوير التحمل، القوة، والمرونة، مما يعزز لياقتهم البدنية بشكل عام. ولا تقتصر فوائد النشاط البدني على الجانب الصحي فقط، بل إن تعزيز بيئة تدعم الأنشطة الصحية يساهم في ترسيخ عادات إيجابية تدوم مدى الحياة. لذلك، بينما نحرص على توفير فرص للتطور الأكاديمي للأطفال، يجب ألا نغفل أهمية تشجيعهم على تبني نمط حياة نشط وصحي لضمان نموهم المتكامل.
2. مهارات بناء العلاقات والتعاون
تشير الدراسات إلى أن مشاركة الأطفال في الأنشطة البدنية تُعزز فرص تفاعلهم الاجتماعي مع أقرانهم، مما يسهم في تنمية مهارات العمل الجماعي لديهم لتحقيق أهداف مشتركة. فعلى سبيل المثال، عندما يشارك الأطفال في أنشطة مثل تمرير الكرة، أو سباقات الجري، أو لعب لعبة المربعات، أو حتى حساب المدة التي يستطيع فيها الشريك الحفاظ على توازن حلقة الهولا هوب، فإنهم يتعلمون العمل كفريق لتحقيق هدف مشترك. هذه التجارب تعزز التعاون، والتواصل، ومهارات القيادة لديهم.
تخيل طفلك وهو يشجع زميله لتسلق سلم الزلاجة أو يهتف له عند النزول! النشاط البدني يخلق فرصًا للأطفال لدعم بعضهم البعض، وتعزيز الثقة بالنفس، وبناء علاقات إيجابية. كما يمكنهم تحدي بعضهم البعض بطرق ودية، سواء بالتأرجح أعلى أو الركض أسرع، مما يعزز روح المنافسة الصحية.
3. تحسين الصحة النفسية
من الناحية النفسية، تُسهم الأنشطة البدنية في تقليل مستويات الانفعال والإحباط لدى الأطفال، حيث توفر لهم وسائل متنوعة للتعبير عن مشاعرهم. على سبيل المثال، قد يُساعد المشي في الهواء الطلق في تحسين الحالة المزاجية للأطفال أو منحهم المساحة اللازمة لمعالجة مشاعرهم بشكل أفضل. علاوة على ذلك، فإن مناقشة الصراعات أو التحديات التي يواجهها الأطفال مع أقرانهم أثناء ممارسة أنشطة مثل رمي الكرة أو ضرب البالون ذهابًا وإيابًا، غالبًا ما تكون أكثر فعالية في حل النزاعات مقارنة بالمحادثات الثابتة التي تجري في جو غير تفاعلي.
بالإضافة إلى ذلك، تساعد هذه الأنشطة الأطفال على تطوير مهارات إدارة التوتر وتهدئة الذات بطرق صحية، وتعزيز احترام الذات، وبناء صورة إيجابية عن أجسامهم منذ سن مبكرة. فعندما يدرك الأطفال الإمكانات الكبيرة التي يتمتع بها جسمهم من خلال المشاركة في التربية البدنية، فإن ذلك يُسهم في تكوين شخصيات أكثر ثقة وصحة في مرحلة المراهقة، مما ينعكس إيجابيًا على صحتهم النفسية في مرحلة البلوغ.
4. التأثيرات الإيجابية على التعلم
من الناحية العلمية، ترتبط الأنشطة البدنية بتحسين الأداء المعرفي لدى الأطفال، وذلك بسبب زيادة تدفق الأكسجين إلى الدماغ وتعزيز إفراز الناقلات العصبية. وقد أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين يمارسون النشاط البدني بانتظام يتمتعون بتطور أسرع في المهارات اللغوية، حيث يصبحون أكثر استجابة للمثيرات الخارجية ويبنون أساسًا قويًا لمهارات القراءة والكتابة.بالإضافة إلى ذلك، تُسهم التربية البدنية في تعزيز قدرات التركيز والانتباه، والذاكرة، وإدارة التوتر، وتطوير التفكير النقدي، مما يجعلها عنصرًا أساسيًا في تعزيز عملية التعلم.
يمكنك القرائة أيضا:
- تطوير مهارات التفكير النقدي: استراتيجيات مجربة لتعزيز مهارات التفكير النقدي
- القراءة للرضع: إستراتيجات فعالة لتجربة قراءة ناجحة مع طفلك الرضيع
- كيفية تعليم التعرف على الحروف للأطفال في سن ما قبل المدرسة
- مرحلة رياض الأطفال: خطوات تجهيز الطفل الذي يبدأ الروضة هذا العام
مخاطر الخمول البدني
الخمول البدني هو أحد عوامل الخطر الرئيسية للأمراض غير المعدية. الأطفال الذين يقضون وقتًا طويلاً في الجلوس أو استخدام الشاشات معرضون لخطر:
1. ضعف العظام والعضلات
يُعتبر النشاط البدني عنصرًا أساسيًا لبناء عظام وعضلات قوية. عندما يقضي الأطفال فترات طويلة في الجلوس أو الخمول، فإنهم يفقدون الفرصة لتطوير كتلة عضلية وعظام صحية، مما يعرضهم لخطر الإصابة بهشاشة العظام وضعف العضلات في مراحل لاحقة من الحياة.
تشمل أبرز المشكلات المصاحبة ضعف العظام الناتج عن انخفاض كثافتها، مما يزيد من مخاطر الكسور والإصابات. كما أن قلة استخدام العضلات تؤدي إلى ضمورها وفقدان القوة، مما يؤثر سلبًا على النشاط اليومي للأطفال.
2. ضعف الدورة الدموية في الدماغ
يُحسن النشاط البدني أيضًا من تدفق الدم إلى الدماغ، مما يسهم في تعزيز الوظائف الإدراكية مثل الذاكرة والتركيز والقدرة على التعلم. في حالات الخمول، ينقص تدفق الدم إلى الدماغ، مما يؤثر سلبًا على الأداء الأكاديمي والمزاج العام للطفل. قلة تدفق الدم يمكن أن تسبب صعوبة في التركيز، بالإضافة إلى أن الخمول يرتبط بزيادة مستويات التوتر والقلق.
3. ضعف الأداء الأكاديمي
4. السمنة
تساهم قلة النشاط البدني أيضًا في الأكل بلا وعي وتناول الوجبات الخفيفة بكثرة، مما يتسبب في زيادة الوزن والسمنة، خاصة عندما يقترن ذلك باستهلاك عالٍ للسعرات الحرارية من الأطعمة غير الصحية. تؤدي هذه العوامل مجتمعة إلى مخاطر صحية متعددة، حيث أن السمنة في مرحلة الطفولة تزيد من احتمال الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري وأمراض القلب في المستقبل.
5. ضعف الصحة النفسية
تتجلى المخاطر الصحية للسمنة أيضًا في ضعف الصحة النفسية، حيث يرتبط الخمول بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق. النشاط البدني يحفز إفراز الإندورفين، وهي مواد كيميائية تعزز من الشعور بالسعادة وتساعد في تقليل التوتر والقلق. الأطفال الذين لا يمارسون الرياضة بشكل كافٍ يكونون أكثر عرضة للإصابة بمشكلات نفسية ونقص في الشعور بالراحة.
6. الإفراط في استخدام الشاشات
تساهم قلة النشاط البدني أيضًا في الإفراط في استخدام الشاشات، حيث يجد الأطفال والمراهقون أنفسهم في حالة من الخمول، مما يدفعهم لتمضية الوقت أمام الأجهزة الإلكترونية بشكل متزايد. عندما يقل مستوى الحركة والنشاط، يصبح استخدام الشاشات الخيار السهل والمريح للترفيه، مما يعزز حلقة مفرغة من الخمول وزيادة أوقات الشاشة.
7. تقليل المشاركة الاجتماعية
كما أن قلة النشاط البدني تساهم في تقليل المشاركة الاجتماعية بين الأطفال والمراهقين، حيث يؤدي الخمول إلى تراجع فرص التفاعل الاجتماعي والتعاون مع الأقران. مع قضاء فترات خمول طويلة وعدم ممارسة الأنشطة البدنية، يجد الشباب أنفسهم معزولين عن التجارب التي تعزز الروابط الاجتماعية، مثل اللعب الجماعي أو الانخراط في الرياضات.
التوصيات الصحية
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، يحتاج الأطفال والمراهقون إلى مستويات مختلفة من النشاط البدني حسب أعمارهم. هذه التوصيات تهدف إلى ضمان حصول الأطفال على الفوائد الصحية الكاملة للنشاط البدني.
- الرضع (من 0 الى 1 سنة): على الأقل 30 دقيقة من الحركة تحت الإشراف. من خلال الحبو أو الاستلقاء على البطن، والقيام بتحريك الأيدي أو الأرجل
- الأطفال الصغار (من 1 إلى 5 سنوات): 3 ساعات من النشاط البدني يوميًا، مثل الوقوف والمشي، وأنشطة معتدلة مثل الجري والقفز، بما في ذلك ساعة واحدة من النشاط عالي الكثافة مثل التسلق واللعب بالكرة .
- الأطفال (من 5 الى 17 سنة): 60 دقيقة يوميًا من النشاط البدني المعتدل إلى القوي، مع أنشطة تقوية العضلات والعظام 3 أيام في الأسبوع. مثل ركوب الدراجة، أو لعب كرة القدم أو الجري السريع.
معوقات النشاط البدني للأطفال
- فترات الجلوس الطويلة: قضاء وقت طويل في الجلوس أمام التلفزيون أو الأجهزة الإلكترونية.
- جداول الأسرة المزدحمة: قد لا يجد الأهل الوقت الكافي لتشجيع أطفالهم على ممارسة النشاط البدني.
- عدم وجود مساحات آمنة: قد لا تتوفر مساحات آمنة للعب والرياضة في الحي أو المنطقة التي يعيش فيها الطفل.
- الخوف من الإصابات: قد يخشى الأهل من تعرض أطفالهم للإصابات أثناء ممارسة الرياضة.
- عدم الاهتمام بالرياضة: قد لا يكون الطفل مهتمًا بالرياضة أو الأنشطة البدنية.
- التكاليف الباهظة: قد تكون بعض الأنشطة الرياضية مكلفة، مما يجعلها غير متاحة لبعض الأسر.
- البيئة المحيطة بالمنزل: قد تجعل البيئة المحيطة بالمنزل النشاط البدني أكثر صعوبة. على سبيل المثال، قد لا يكون لديك مساحة كبيرة للعب في المنزل. يقلق العديد من الآباء أيضًا بشأن سلامة أحيائهم، لذلك لا يقضي الأطفال الكثير من الوقت في اللعب معًا في الشارع أو في الحدائق. وبعض الضواحي قد لا تتواجد بها مدارس.
استراتيجيات عملية لمواجهة معوقات النشاط البدني للأطفال
يتطلب التغلب على معوقات النشاط البدني جهودًا متكاملة من عدة جهات رئيسية تتمثل في المدارس والأسر وصانعي السياسات. نستعرض فيما يلي استراتيجيات عملية مثبتة علمياً وتوصيات قائمة على دراسات وتجارب ناجحة.
3.1 توصيات موجهة للأهل
يلعب الأهل دوراً أساسيًا في دعم نشاط أطفالهم، حيث تساهم البيئة الأسرية في تشكيل عادات الحركة. فيما يلي بعض التوصيات الفعالة للأهل:
أ. القدوة الشخصية
- النموذج القدوة: يجب على الأهل ممارسة النشاط البدني بانتظام أمام أطفالهم. تُظهر الدراسات أن الأطفال الذين يرون آبائهم يشاركون في نشاطات رياضية يكونون أكثر ميلًا للمشاركة بأنفسهم. حيث يُقدر تأثير ذلك بزيادة النشاط بنسبة تصل إلى 50%.
- المشاركة الأسرية في الأنشطة: تنظيم أنشطة عائلية مثل التنزه، ركوب الدراجات أو اللعب في الحديقة يساهم في تعزيز الروابط الأسرية وتحفيز الأطفال للمشاركة بفعالية. يمكن إعداد جدول أسبوعي يتضمن نشاطاً مشتركاً لكل أفراد الأسرة.
- المشاركة الممتعة: تحدث معهم لاكتشاف أنشطتهم المفضلة ودمجها في وقت اللعب، مثل الجري، السباحة، أو لعب الكرة.
- الدعم الفردي: تشمل الخجل، نقص الثقة، صورة الجسم السلبية، وتأثيرات الأقران. من المهم تعزيز الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال لجعل النشاط البدني أمرًا طبيعيًا وممتعًا.
- تثقيف الأطفال حول فوائد النشاط البدني: يجب على الاهل تثقيف أبنائهم حول فوائد النشاط البدني وأهميته للصحة.
ب. إدارة وقت الشاشة
- تحديد حدود زمنية للشاشات: ينصح بالحد من وقت استخدام الأجهزة الإلكترونية (مثل التلفزيون والحواسب والأجهزة اللوحية) إلى ساعة يومياً، مما يتيح وقتاً كافياً للنشاط البدني. وقد أشارت تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن تقليل وقت الشاشة يرتبط بزيادة النشاط البدني بمعدل 40 دقيقة يومياً.
- تشجيع الألعاب النشطة: يمكن للأهل توفير ألعاب رياضية وأدوات ترفيه نشطة في المنزل كالكرات وحبال القفز، مما يحفز الأطفال على التحرك والنشاط بدلاً من الاعتماد على الألعاب الإلكترونية.
ج. تنظيم الأنشطة اليومية
- إنشاء روتين يومي ونشاطات أسبوعية: وضع جدول يحدد أوقات ممارسة الرياضة يساعد الأطفال على تنظيم وقتهم وزيادة الفرص لممارسة النشاط البدني. كما يمكن أيضا تنويع الأنشطة لتشمل رياضات فردية وجماعية لتناسب مختلف الاهتمامات.
- المشاركة مع الجيران والمجتمع: يمكن تنظيم فعاليات مشتركة مع أسر الجيران مثل المسابقات الرياضية والرحلات الخارجية لتوفير بيئة داعمة تحفز على الحركة والنشاط.
- المشاركة في الرياضات المنظمة: يمكن تسجيل طفلك في الفرق الرياضية مثل التسلق، السباحة أو الفنون القتالية لتعزيز مهاراته الاجتماعية والبدنية.
3.2 توصيات موجهة للمدارس
تعد المدارس بيئة حيوية لتعزيز النشاط البدني من خلال البرامج التعليمية والسياسات المدرسية. من بين الاستراتيجيات التي يمكن تطبيقها:
أ. دمج النشاط البدني في المناهج الدراسية
- زيادة حصص التربية البدنية: ينبغي على المدارس أن تُخصص وقتًا كافيًا ضمن الجدول الدراسي لتربية بدنية تتماشى مع التوصيات العالمية. حيث توصي بعض الجهات بأن توفر المدارس ما مجموعهً 150 دقيقة من النشاط البدني للأطفال في المرحلة الابتدائية و225 دقيقة في المراحل المتوسطة والثانوية.
- استخدام الفصول النشطة: يمكن إدخال فترات قصيرة من النشاط البدني داخل الحصص الدراسية (مثل فواصل الحركة أو جمع القمامة وإعادة ترتيب القسم)، وهو ما ثبت أنه يزيد من تركيز الطلاب وتحسين الأداء الأكاديمي، إضافة إلى رفع مستويات النشاط البدني داخل المدرسة.
- برامج التدريب والتطوير المهني للمعلمين: ينبغي تقديم دورات تدريبية للمعلمين لتطوير مهارات دمج الأنشطة البدنية ضمن منهجهم الدراسي. التجارب الناجحة أظهرت أن تدريب المعلمين يؤدي إلى زيادة النشاط اليومي للأطفال بنسبة تصل إلى 15%.
ب. إنشاء شراكات مجتمعية
- اتفاقيات الاستخدام المشترك: يمكن للمدارس فتح مرافقها (كالملعب والصالات الرياضية) لاستخدام المجتمع بعد انتهاء الدوام المدرسي، مما يوفر بيئة آمنة للأطفال لممارسة النشاط البدني. وقد أشارت الدراسات إلى أن مثل هذه المبادرات تزيد من معدل مشاركة الأطفال بنسبة 30%.
- الشراكة مع النوادي الرياضية والمؤسسات المحلية: يمكن للمدارس التعاون مع النوادي الرياضية المحلية والمؤسسات المجتمعية لتنظيم ورش عمل وبرامج رياضية جديدة. مما يسهم في توسيع قاعدة المشاركة الرياضية للأطفال.
ج. استخدام تقنيات مبتكرة لتعزيز النشاط البدني
- استخدام الأدوات والأثاث المبتكر داخل الصفوف: إدخال أدوات مثل المكاتب القابلة للتحول والطي والكراسي المتحركة يؤدي إلى زيادة الحركة والاستيقاظ داخل الصف الدراسي. رغم أن بعض الدراسات أشارت إلى وجود تحفظات لدى الأطفال حول هذه الأدوات.
- الأنشطة المدمجة في الواجبات المنزلية: تقديم واجبات منزلية تتضمن نشاطات بدنية، مثل تمارين القفز أو الجري حول المنزل، يعد من الاستراتيجيات التي تُحفز الأطفال على ممارسة الرياضة حتى خارج أوقات الدوام المدرسي.
يمكنك القرائة أيضا: تطوير إدارة المدارس: 12 نصيحة لتحسين المدارس والأداء العام للطلاب
لتعزيز النشاط البدني بين الأطفال، ينبغي على صانعي السياسات مراعاة النقاط التالية:
- تخصيص ميزانيات كافية للتربية البدنية: يجب زيادة الميزانية المخصصة لأنشطة التربية البدنية لتوفير التجهيزات والمرافق اللازمة، وذلك بناءً على بيانات تُظهر أن الميزانية الحالية تعتبر جد ضعيفة.
- سن تشريعات تلزم المدارس بتوفير حصص بدنية محددة: ينبغي أن تكون هناك قوانين تفرض على المدارس تخصيص ساعات محددة للنشاط البدني، بما يتماشى مع توصيات منظمة الصحة العالمية.
- تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص: تعد الشراكات مع المؤسسات الرياضية والقطاع الخاص خطوة مهمة في توفير الفرص للأنشطة البدنية خارج أوقات الدراسة.
- تبني نظام تقييم دوري: ينبغي تقييم البرامج والأنشطة البدنية بانتظام لمعرفة مدى فعاليتها، وتعديلها بناءً على مؤشرات الأداء الصحي والأكاديمي للأطفال.
- تشجيع البرامج البيئية والمجتمعية: يتعين دعم المبادرات التي تفتح المرافق المدرسية أمام المجتمع وتنشط الأنشطة الرياضية في الأحياء السكنية.
مواضيع ذات صلة:
- كيفية تعزيز التنظيم الذاتي عند الأطفال؟
- الصحة عند الأطفال: العوامل التي تؤثر عليها، وأفضل الأساليب لتعزيزها
- أهمية التغذية السليمة للأطفال وأفضل الطرق المتبعة
- كيفية تحفيز الفضول لدى الأطفال الصغار؟ طرق وأساليب فعالة لتعزيز الفضول عند الأطفال
- التنمر المدرسي: أنواعه، أسبابه، تداعياته، كيفية اكتشافه والتعامل معه كأولياء أمور وهيئات
في الختام، إن مواجهة معوقات النشاط البدني للأطفال يتطلب تبني مقاربة شاملة تستند إلى البحث العلمي والتعاون بين الأسر والمدارس والمجتمعات وصناع السياسات. إن اعتماد أساليب مبتكرة وإدماج الحركة بشكل يومي في حياة الأطفال يحسن من صحتهم البدنية. و كذلك يعزز من نضجهم الاجتماعي والنفسي، مما يساهم في بناء جيل قوي قادر على مواجهة تحديات المستقبل الصحية والتعليمية.